الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

صفاقس والتنمية: أزمة هيكلية في كل القطاعات


منذ أيام، تصاعدت الأصوات في ولاية صفاقس لتعلن عن غضب كمن في النفوس وتراكم بفعل «خيبة الآمال» لتأخر التغيير، فلا شيء هناك تحسّن عمّا كان عليه منذ سنين، ولا ازمة حلّت فوجدت طريقها للحلّ

كلّ ما هناك يعكس مشهدا قاتما، ازمة بيئية، مدينة مختنقة اهترأت بنيتها التحتية، مناطق صناعية خاوية إلا من أطلال مصانع هجرت.

اليوم لا يصعب على أي زائر للمدينة أو تخومها معرفة ما يعانيه أهلها وما ينتظرونه، وهو إصلاح أوضاع طال عطبها، وأبرزها وضع التنمية في الجهة وعنوانها الرئيسي ، التنمية الاقتصادية التي تمثل هاجسا للولاية، كبقية الولايات، بالرغم من الصبغة الصناعية للولاية إلا إن النسيج الصناعي عرف منذ التسعينات عديد الاشكاليات أهمها تراجع قدرات القطاع الانتاجية والتشغيلية، فضلا عن تراجع عدد المؤسسات الصناعية المخصصة للتصدير الكلي، كما انّ صفاقس عاجزة طوال العشرية الاخيرة عن استقطاب المستثمرين الأجانب في القطاعات المعملية في ظل هشاشة نسيجها الصناعي، واهتراء بنيتها التحتية، خصوصا شبكة النقل.

والاشكاليات لا تتوقف على القطاع الصناعي فقطاع الفلاحة في الجهة بدوره يعاني من ازمات هيكلية، كالإشكال العقاري للأراضي الفلاحية، وشحّ المياه، التي صحيح انها لم تحل دون محافظة الجهة على مستويات متقدمة من الإنتاج الوطني الفلاحي فهي الأولى وطنيا من حيث إنتاج زيت الزيتون بنسبة 30 % والأولى تصديرا لهذا المنتوج الغذائي ذي الجودة العالية بنسبة 45 %.

هذا وبإغلاق مصنع ستيل تضرّر قطاع تربية الماشية بصفاقس أكثر مما كان يعاني منه من قبل، غلاء الأعلاف والتلاعب بتوزيع المدعم منها وغياب الأمن وهو ما اضطر عديد مربيي الأبقار بالعامرة وجبنيانة ومنزل شاكر والمحرس وغيرها إلى التخلص من قطعانهم بالبيع والذبح، لكن وبغلق وحدة ستيل لإنتاج الحليب ظهرت أزمة تجميع وترويج لذلك المنتوج الغذائـي الحيـوي والسيادي الذي تراجع إنتاج الجهة منه إلى 10 % .

والحال ليس افضل في قطاع الصيد البحري، فان كان ميناء الصيد البحري بصفاقس في طليعة الموانئ الوطنية من حيث الإنتاج والتصدير لمختلف أنواع السمك وغلال البحر بنسبة 39 % من الإنتاج الوطني فان القطاع يعاني من عديد الإشكاليات أبرزها ان القطاع يعتمد على الآليات التقليدية وغياب أسطول صيد عصري مجهز .

رضا بالزين (الكاتب العام لنقابة السكك الحديدية)

السكك الحديدية تعاني

يعاني قطاع السكك الحديدية في صفاقس من عدة صعوبات اسوة بالقطاع على الصعيد الوطني لكنه ايضا له صعوبات خاصة به، هذا القطاع الذي يحدّد نشاطه رضا بالزين الكاتب العام لنقابة السكك الحديدية في «نقل المسافرين ونقل الفسفاط والمواد الكميائية ونقل البضائع» سجّل منذ 2011 تراجعا في مداخيله التي يعود 36 % منها إلى نقل الفسفاط. والتي تقدّر بين 14 و 16 مليون دينار وبتراجع أكثر من النصف عمّا كانت عليه سنة 2010.

واعتبر المسؤول النقابي انّ نشاط السكة الحديدية في نقل الفسفاط تأثر سلبا بعدّة عوامل مثلت عائقا أمام الإيفاء بالتزاماتها في نقل الفسفاط، حيث تلتزم الشركة بتوفير 16 سفرة لكنها لا تتمكن إلا من انجاز 6 سفرات في أفضل الحالات بسبب عجز العتاد الذي تتجاوز نسبته 60 %، كما يتجاوز معدّل أعمار القطارات والعربات المجرورة الـ35 سنة.

ولا يقتصر تأثير ضعف العتاد ونقص العربات المجرورة على نقل الفسفاط بل طال نقل الحبوب حيث وقع إيقاف الخدمة بسبب قدم الأسطول وعدم تأهيله مما أدى إلى إهمال مخازن الحبوب التابعة للسكة الحديدية في الجهة. هذا وقد تراجعت ايضا موارد نقل البضائع عن مستواها في 2010 لتتدنى إلى 18 مليون دينار بعد ان كانت في حدود 30 مليون دينار.

هذا وقد ألغت السكة الحديدية في صفاقس خدمة نقل الطرود السريعة بسبب قلة التجهيزات إضافة إلى نقص الموارد البشرية التي ادت ايضا الى التقليص من عدد المحطات في الجهة او تشغيلها باطار محدود.

الحبيب بن إبراهيم (عضو نقابة مكلف بالأعلام في النقابة الأساسية للنقل):

الأسطول مهترىء

النقل الحضري في صفاقس ليس هو فقط الذي يعاني من أزمات، لكنه يظلّ ابرز وجوه الأزمة في الجهة، وهو ما لا ينفيه الحبيب بن إبراهيم المسؤول النقابي الذي يؤكّد ان الهاجس الأكبر لقطاع النقل الحضري هو «توفير العتاد والأعوان ليتلاءم مع تزايد الطلب كل سنة»، والطلبات كل سنة تظلّ هي نفسها وهي الترفيع في عدد السفريات وإحداث خطوط جديدة او تمديد في البعض الأخر.

هذه الطلبات لا يمكن الاستجابة لها دائما بسبب الإمكانيات المحدودة للشركة الجهوية للنقل التي قدّر الحبيب بن إبراهيم معدّل أعمار العتاد المستعمل في النقل الحضري بحوالي 10 سنوات وستة أشهر، وبالنسبة للنقل بين المدن فهو 9 سنوات وشهرين، هذه الأعمار المرتفعة تجعل من عملية الصيانة، التي يشدّد بن إبراهيم أنهم «يبذلون فيها أقصى ما يمكن» لكن أسطول الحافلات المهترىء يجعل الأمر صعبا ويؤدي أحيانا إلى إلغاء رحلات مبرمجة.

ولا يقتصر الأمر على اهتراء أسطول النقل اذ يسجّل نقص في العتاد بأكثر من 100 حافلة، حيث أكد الحبيب بن إبراهيم ان عدد الحافلات المستوجب تخصيصها لتأمين رحلات هو 277 حافلة للنقل الحضري لكن المتوفر هو 180 حافلة، والنقص يطال الموارد البشرية التي تشتغل في القطاع بأكثر من 130 موقعا، حيث يتوفر 380عونا بين سائق وقابض في حين أنّ المطلوب هو 540 عونا.

ومشاكل قطاع النقل ليست فقط نقص العتاد واهتراؤه وضعف الموارد البشرية وإنما الاكتظاظ الذي يؤدي وفق قول المسؤول النقابي إلى إلغاء الكثير من السفرات بسبب التأخير المسّجل وهذا الإشكال لا يمكن معالجته من وجهة نظره إلا بـ«التنسيق بين الجميع وتخصيص ممر خاص للحافلات في عدد محدد من الطرقات».

أنور التريكي (رئيس الإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس) :

يجب التشجيع على الاستثمار لإنقاذ الجهة

أبدأ بمجلة الإستثمارات لا أريد أن أسميها مجلة الدمار كما سماها البعض ، الإستثمار يكاد يكون منعدما وهذا مؤشر سلبي على اقتصاد الجهة واقتصاد تونس. المجلة السابقة لا تشجع على الإستثمار كانت مفصلة على مقياس الطرابلسية ومن سار على دربهم من أعمال التحيل والفساد .

أعلنا عن ضرورة وضع مجلة استثمار جديدة وفعلا صادقت عليها الحكومة يوم الثلاثاء 12 /11 /2013 ولكن للأسف لم يطبق منها شيء وتجاهلتها الحكومة وهذا ما يزيد مشاكل الاستثمار خطورة ويزيد الوضع خرابا ودمارا حيث ضياع عشرات المليارات من أموال الشعب التي يجب حمايتها في أقرب وقت .

العنف المادي والتجارة الموازية والتهريب كل هذا ساهم في إخفاق المشاريع.

البنية التحتية كارثية لا تشجع على الإستثمار (طرقات في حالة سيئة للغاية) الصحة مهمشة، المعدات الضرورية واللازمة منعدمة ونقص فادح في الإطار الطبي وشبه الطبي وفي أعوان التمريض .

التجارة الموازية أغرقت السوق بأحذية وملابس جاهزة غير صحية وعندنا مخزون تونسي ما يكفينا لمدة سنوات بمواصفات عالمية.

الحل في إرادة سياسية لإيقاف تيار ونزيف التهريب و تطبيق القانون على المدى القصيرلمقاومة التهريب والتجارة الموازية وإلتزام توافقي مع إتحاد الشغل لهدنة تحقق سلما اجتماعية تمكن المؤسسات من تجاوز مشاكلها وكذلك تطبيق سياسة جبائية تأخذ بعين الإعتبار الوضع المالي الصعب للمؤسسات على المدى المتوسط وتنفيذ ما ورد في عديد الدراسات التي قمنا بها لإعادة صفاقس إلى دورها الطبيعي في كل القطاعات ونأمل أن نشرع في ذلك بعد قيام السلطة الجهوية والمحلية المنتخبة بموجب الدستور .

بالنسبة للإنتخابات سنقف على نفس المسافة من كل الأحزاب.

محمد قويدر (الرئيس المدير العام لشركة الدراسات وتهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس «مشروع تبرورة»:

يجب تشريك الخواص في المشروع

يقّر محمد قويدر المدير العام لمشروع تبرورة انّ ابرز اشكال يواجهه المشروع هو تحديد الصيغة القانونية لانجاز المشروع، معتبرا ان افضل الصيغ هي الشراكة بين القطاع العام والخاص لتجنب اهدار الوقت في الاجراءات الادارية المتعلقة بالتمويلات.

الاشكاليات امام مشروع تبرورة لا تقف عند هذا الحدّ حيث اشار المدير العام ان المشروع ليحقق المراد منه للجهة يجب ان توفر له شروط نجاحه ومنها ازالة المعوقات العديدة وهو ما يتطلب وفق قوله تدخل الدولة بموارد هامة، لربط المشروع مع المدينة مباشرة عبر خطوط السكة الحديدية، و ازالة التلوث من السواحل الجنوبية لمدينة صفاقس، اضافة الى تحويل رصيف شحن الفسفاط وتهيئة الشواطئ القديمة.

واعتبر قدور ان توفير شروط النجاح لمشروع تبرورة تستوجب ايضا تهيئة الاحياء المجاورة للمشروع وتهيئة البنية التحتية للمدينة.

فوزي الزياني (النقابة التونسية للفلاحين)

مشاكل فلاحتنا نموذج مصغر من الوضع العام

لا يعتبر فوزي الزياني رئيس المكتب الجهوي لنقابة الفلاحين انّ مشاكل قطاع الفلاحة في صفاقس مختلفة عمّا هي عليه وطنيا بل يرى انها هي نموذج مصغر للمشاكل في تونس مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الجهة التي تفرز بدورها مشاكل خاصة، ومن أهمها ندرة الموارد المائية.

هذا الإشكال الذي يعتبر الزياني انّ السياسة الفلاحية السابقة لم تأخذه بعين الاعتبار ولذلك كانت خاطئة في التركيز على الفلاحة السقوية في منطقة تعاني من نقص الموارد المائية عوضا عن تطوير الفلاحة البعلية أو الفلاحة المتراوحة بين السقوي والبعلي ( تقنية الري أربع مرات في العام)، التي تتماشى مع واقع الولاية.

هذا ورغم إقراره بتشتت الأراضي الفلاحية حيث ان 90 ٪ منها اقل من خمسة هك الا انه يعتبر ان ذلك لا يمثّل إشكالا ان تمّت ملاءمة القطاع الفلاحي في الجهة مع «المقدر وانطلاقا مما هو موجود» ، قائلا انّ التركيز على تقسيم الأراضي وتفادي ذلك بتطوير المنظومة القانونية لن يقدم مردودا معتبرا ان الإشكال الفعلي هو في «استغلال الأراضي» وفي «غياب الدعم المباشر في حلقة الإنتاج».

وقال الزياني ان إيجاد حل لصعوبات القطاع الفلاحي لن يتمّ الا بعد تحديد التوجهات الكبرى في الفلاحة، فان حدّدت التوجهات العامة وجب اتباع سياسة تحفيزية واضحة نظرا لان السياسة المعتمدة حاليا غير كافية من وجهة نظره.

نجلاء الرقيق (عضو المكتب

التنفيذي لمنظمة «كونكت)

الجهة في حالة عطب

تعتبر نجلاء الرقيق عضو المكتب التنفيذي لمنظمة «كونكت» ان جهة صفاقس تعاني من العديد من الاشكاليات ابرزها على مستوى البنية التحتية التي تعتبرها «في حالة عطب» ومنها تهيئة المناطق الصناعية غير المهيئة والوضع البيئي الذي تعتبره كارثيا.

وقالت نجلاء رقيق ان الحلول موجودة لكنها تظلّ مخططات لمشاريع في كل المجالات والقطاعات لكن الإرادة السياسية غائبة، واعتبرت ان المسؤولية المستوجبة على الجميع اليوم هي تحسين جودة الحياة في المدينة وفي 71 حيا شعبيا فيها تجنبا لتفاقم الأزمة وبلوغها مرحلة الكارثة.

وأضافت ان الخيار الأفضل هو تبني خيار وتصور جديد في كل المجالات من منطلق الإصلاح وليس «الحلول الترقيعية» واعتبرت ان هذا بمقدوره ان يجعل من الجهة قاطرة .

جريدة المغرب

PUB

المقالات السابقة


Recent Posts Widget

الأكثر قراءة